تحديات التجارة الالكترونية الدولية و الحلول المقترحة في تركيا

يعتبر نمط التجارة الالكترونية للبيع المباشر للمستهلك B2C مستقبل التجارة الدولية, حيث يزول فيها أدوار الكثير من الوسطاء في العملية التجارية من مكتب تصدير في بلد المَصدر و مستورد و تاجر جملة و تاجر مفرق و صاحب عقار تجاري في بلد الوجهة … لتغدو العملية التجارية عبارة عن علاقة مباشرة بين المُصنع و المستهلك فقط 

إلا أن هذا النمط من التجارة و الذي فتح للأفراد و الشركات آفاق واسعة و كبيرة للتصدير و البيع الدولي مازال يحتاج إلى قوانين و تشريعات جديدة تنظمه بما يضمن ليس مصلحة الطرفين البائع و المشتري فحسب و إنما مصلحة الحكومات أيضاً, و لابد لنا بداية من معرفة الآلية التي يتم بها الشحن الدولي و التخليص الجمركي لمعرفة مآلات هذه التجارة

فقد استفادت تجارة ال B2C من القوانين المحلية و اتفاقيات التجارة الدولية التي تنظم عمل الشحنات الشخصية و التي تكون مستثناة من الضرائب و معايير الجودة التي تخضع لها الشحنات التجارية, و يقوم بنقل هذه الشحنات شركات متخصصة بهذا النمط من الشحن تسمىmicro cargo companies , حيث باتت هذه الشركات الناقل الأساسي و الرسمي لكافة شحنات التجارة الالكترونية B2C و التي يتم استثناؤها من تنظيم بيان تصدير و بيان استيراد خاص بكل شحنة, و هي القوانين المعتمدة للشحنات التجارية, و هذا الأمر لا يمكن أن يستمر في ظل زيادة شحنات ال B2C و التي ان استمرت بهذا الشكل فسيكون لها تأثير مباشر في حجم تجارة ال B2B و الضرائب المستوفاة منها و رقابة الدولة عليها

(( تنص أنظمة تجارة ال  B2Bعلى أن يمتلك كل من المُصدر و المستورد شركات مرخصة أصولاً, و تقوم إدارة الجمارك بالتعاون مع مخلص جمركي معتمد من قبل المُصدر في بلد المَصدر و مخلص جمركي معتمد من قبل المستورد في بلد الوجهة بتنظيم بيانات التصدير و الاستيراد. أما أنظمة تخليص ال B2C فلا تشترط وجود شركات مرخصة من قبل المُصدر أو المستورد, و يتم تنظيم بيان جمركي لمجموعة من الشحنات بشكل مشترك سواء في بلد المَصدر أو بلد الوجهة من قبل مخلص جمركي معتمد من شركات ال micro cargo و وفق هذه العملية يتم استثاء الشحنات الشخصية من رقابة وزارة المالية و بالتالي لا يدفع  المستورد رسوم جمارك أو ضريبة استيراد و يتم التساهل أيضاً في رقابة وزارات الصناعة و الصحة ))

و قد شكلت الاتفاقيات ما بين إدارات الجمارك و شركات الشحن عما يمكننا تسميته ثغرة الـ “micro export” و التي كانت سبب رئيسي لازدهار التجارة الالكترونية الدولية 

لكن ازدباد حجم التجارة الالكترونية الدولية B2C في السنوات الأخيرة فرض على الحكومات البدء بمعالجة هذه الثغرة حيث قامت تركيا مثلاً بإلغاء إعفاء الشحنات الشخصية من معاملة بيان الاستيراد, كانت سابقاً تعتبر أي شحنة قيمتها دون 23 دولار شحنة شخصية يمكن تسليمها للمستلم دون الحاجة لبيان استيراد, إلا أنه عُدل القانون في 2019 ليتم إدخال أي شحنة تحوي سلعة لتركيا وفق بيان استيراد مهما كانت قيمتها و حجمها, و لكن بسبب عجز إدارات الجمارك عن تنفيذ هكذا أمر ما تزال الكثير من الشحنات تتسرب من دون معاملة استيراد

و بذلك باتت تركيا محصنة نوعاُ ما ضد ثغرة الـ “micro export” لتستطيع الحكومة ضبط عملية الاستيراد و تحصيل العوائد المرجوة منها

و قد قامت تركيا أيضاً بتحديث أنظمة استرداد ضريبة القيمة المضافة عند تصدير الشحنات الفردية و ذلك بقبول بيان تصدير الشحنات المجمعة كإثبات لعملية التصدير, و بقي أن تطور شركات التأمين أنظمتها و تقبل التأمين على الشحنات الفردية لصالح المرسل و ليس لصالح شركات النقل 

و بما أن التاجر دوماً مطالب بابتكار الحلول التي يمكنها التعامل مع القوانين المعرقلة لتجارته سيبرز دور جديد لخدمات متممة للتجارة الالكترونية و هي شركات تخزين و خدمات لوجستيةfulfillment companies  و شركات استيراد في بلد الوجهة ior ( importer of record) أي أن تجارة ال B2C الدولية ستتأثر و تضطر للتحول بشكل ما من الأشكال إلى تجارة B2C محلية

إن الصراع القادم سيشترك فيه تجار ال B2B التقليدين و الحكومات و تجار ال B2C, حيث ستتلاقى فيه مصلحة تجار ال B2B مع الحكومات لتقييد عمل تجار ال B2C

كنان الكردي